1548
اتقوا اللعانين قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس، أو في ظلهم
Beware of the two things that provoke cursing. They said: O Messenger of Allah, what are those two things which provoke cursing? He said: The one who relieves himself on people’s roads or in their shade
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «اتقوا اللَّعَّانَيْن» قالوا: وما اللَّعَّانَانِ يا رسول الله؟ قال: «الذي يَتَخَلَّى في طريق الناس، أو في ظِلِّهم».
Abu Hurayrah (may Allah be pleased with him) reported that the Messenger of Allah (may Allah's peace and blessings be upon him) said: “Beware of the two things that provoke cursing.” They said: “O Messenger of Allah, what are those two things which provoke cursing?” He said: “The one who relieves himself on people’s roads or under their shades.”
صحيح - (
رواه مسلم ).
Sahih/Authentic.
[Muslim]
اجتنبوا الأمرين الجَالِبَين لِلَّعْنِ من الناس، الدَّاعيين إليه؛ وذلك أن من فعلهما شُتم ولُعِن في العادة؛ يعني أن عادة الناس أن تَلْعَنه، فهو سَبب في اللَّعن، فلما كان كذلك أُضيف اللَّعن إليهما، وهما التخلَّي في طريق النَّاس أو ظِلِّهم، وهذا مثل قوله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ). [الأنعام:108] أي: أنتم تتسببون في أنهم يَسُبُّون الله؛ لأنكم سببتم آلهتهم، وأيضا: نهيه صلى الله عليه وسلم عن سَبِّ الرَّجل أبَاه وأُمَّه: قالوا: وهل يَسُب الرَّجُل والِدَيه؟ قال: نعم، يَسُبُّ الرَّجُلُ أبَا الرَّجُل، فَيَسُبُّ أبَاهُ، ويَسُبُّ أَمَّهُ) فيكون كأنه هو الذي سَبَّ أبَاه؛ لأنه تسبب في ذلك.
وقوله: "الذي يتخلَّى في طريق النَّاس"، أي: يقضي حاجته ببول أو غائط في الأماكن التي يَسلكها الناس ويطرقونها، ولا شك في حُرمته، سواء كان ذلك في حَضَر أو سَفر؛ لأن في ذلك أذية لهم، وقد قال تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب : 58] أما إذا كانت الطريق غير مسلوكة، فلا حرج في قضاء حاجَته فيها؛ لانتفاء العلة.
وقوله: "أو في ظِلِّهم" أي: يقضي حاجته في الظِّل الذي يتخذه الناس مقيلاً ومناخاً ينزلونه ويقعدون فيه، أما الظِل في الأماكن الخالية التي لا يأتيها الناس ولا يقصدونها، فلا حرج من قضاء الحاجة تحته؛ لانتفاء العلة؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قَعد تحت حائش النَّخل لحاجته وله ظِل.
Avoid the two things that provoke curse from people, for the one who does any of them is usually abused and reviled by others. These two things are: relieving oneself on the pathways used by people or in the shade, where they take shelter. A similar meaning occurs in the verse that reads: {And do not abuse those they invoke other than Allah, lest they abuse Allah in enmity without knowledge} [Sūrat al-An‘ām: 108]. In other words: Do not cause them to abuse Allah, the Almighty, by abusing their gods.
Similarly, the Prophet (may Allah's peace and blessings be upon him) prohibited that a man should abuse his father and mother. Thereupon, the Companions asked: “Would anyone abuse his own parents?” He said: “Yes. He abuses someone else’s father and that person retaliates by abusing his father and mother.” So it is as if he himself has cursed his own parents, because he was the reason behind it.
“The one who relieves himself on people’s roads;” meaning: he urinates or defecates in the places where people walk and pass through. This is undoubtedly prohibited, regardless of whether it is done by a resident or a traveler, as it causes harm to the people. In the Qur'an, Allah, the Almighty, says: {And those who harm believing men and believing women for [something] other than what they have earned have certainly born upon themselves a slander and manifest sin} [Sūrat al-Ahzāb: 58]. If, however, a person relieves himself on a road not frequented by people, there is nothing wrong with that, given the lack of harm.
“Or in their shade;” meaning: he relieves himself in the shade, where people take shelter and rest. There is nothing wrong, however, if one answers the call of nature in the shade in empty places that are not used or frequented by people, given the lack of harm. The Messenger (may Allah’s peace and blessings be upon him) would sometimes relieve himself in the shade of a host of palm trees.
جواز إطلاق اللَّعنة على من فَعَلَ ما فيه أذيَّةُ المسلمين، لكن الأولى أن لا يلعنه بعينه، بل يقوله :"اللهم العن من فعل كذا"؛ لأن لَعْن المُعَيَّن حرام ولو كان كافرا.
أنَّ التغوَّط أو البول في طريق الناس وظلهم وغيرهما مما يحتاجه الناس يسبِّب لَعْنَ النَّاس لفاعلها، وربَّما لحقته لعنتهم؛ لأنَّه هو المتسبِّب في ذلك؛ لما روى الطبراني في الكبير بإسنادٍ حسن؛ أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من آذى المسلمين في طُرقهم، وجبَتْ عليه لَعْنَتهم".
تحريمُ البول أو التغوُّط في طرق النَّاس التي يعبرون منها، أو ظلهم الذي يجلسون ويستظلون فيه، ويقاس عليهما كلُّ ما يحتاج إليه النَّاس من النَّوادي والأفْنِيةِ، والحدائقِ والمَيادينِ العامَّة، وغير ذلك، ممَّا يرتاده الناس، ويجتمعون فيه، ويَرْتَفِقُون به.
فيه أن كل ما يؤذي المسلمين فهو حرام؛ قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58].
البُعد عن الألفاظ المُسْتَقْبَحة؛ حيث عدل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتعبير بـ "يتخلَّى" عن التغوُّط وما شابهه مما يُستقبح.
كمالُ الشريعة الإسلاميَّة وسمُّوها، من حيث النظافة والنَّزاهة، وبُعْدُهَا عن القَذارة والوسَاخة، وتحذيرُها عمَّا يَضُرُّ النَّاس في أبْدَانِهم وأديانهم وأخلاقهم.
شمولُ الشريعة؛ فإنَّها لم تترك خيرًا إلاَّ دَعَتْ إليه، ولا شرًّا إلاَّ حذَّرَتْ منه، حتى في أمور التخلِّي فقد بيَّنَتْ لهم الأمْكِنة التي يجبُ بُعدهم عنها.
رعاية الشريعة الإسلامية لحفظ حقوق الناس؛ لذلك مَنَعت من التخلِّي فيما لهم فيه حَق.
الحديث يشير إلى قاعدةٍ شرعية، هي أنَّه إذا اجتمَعَ متسبِّبٌ ومباشر:فإنْ كان عمل كلِّ واحدٍ منهما مُستقلاًّ عن الآخر، فالضَّمان والإثم على المباشر. وأَمَّا إذَا كانت المُباشرةُ مبنيَّهً على السبب، صار المتسبِّب هو المتحمِّل؛ كهذا المثال في الحديث؛ فالدعاء فيه إثم، والذي قام به من لعن المتخلِّي عن الطريق مثلاً، ولكن المتسبِّب في هذا الدعاء هو المتخلِّي، فهنا يكون الدعاء مباحًا في حقِّ المباشر، وهو الدَّاعي، والذي تحمَّل إثمَهُ المتسبِّبُ منه، وهذا المتخلِّي في الطريق.
Details...
|